قبل 5 سنوات

بعيدا عن كورونا.. التاريخ بين الموضوعية والذاتية

لا شك أن القارئ في المادة التاريخية، يلامس التجليات التاريخية بثقلها في المظهر الاجتماعي والسياسي والثقافي العام، وإن ما يسهم في ذلك هو انفتاح التاريخ على كل مناحي الحياة، والتواصل مع مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تتسم بالبعد التاريخي، ما يجعله يحتوي تلك القضايا في ظل التنوع العرقي والديني والاجتماعي مما له صلة بالشكل الجغرافي، وأثر في البنية الثقافية. لذلك حظيت المواضيع التي لها صلات بالمواد التاريخية باهتمام العديد من الدراسات والأبحاث منها التاريخية أو الجغرافية أو السوسيو انثروبولوجية أوالدينية. إلا أن اختلاف وجهات النظر وتناول المواد التاريخية من وجهات ذاتية أحيانا، ومن وجهات يغلب فيها الانزياح عن الحقائق التاريخية أحيانا أخرى، يزيح المادة برمتها عن الصواب ويفقدها الموضوعية المطلوبة. وهذا لا يعني أن كل المواد التاريخية المدروسة أو الكتابات التاريخية موشومة بالانزياح عن الموضوعية، إنما هناك من المواد ما يتجاوز حدود الموضوعية وانتهاك خصوصيات المادة التاريخية، وعدم احترام الامتزاجات التاريخية بفعل البعد عن التخصص كامتزاج تاريخ الإنسان بتاريخ الأحداث والقضايا، وبالبنية الجغرافية وبالبيئة، وبتاريخ الماء وبالاقتصاد وبالثقافة، وبمختلف الإشكالات التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالتاريخ. فالإنسان قد واكب في نموه وتطوره هذه القضايا والارتباطات ارتباطا بالتطور الذي يعرفه التاريخ؛ لذلك وغيره، فإن الكتابات في التاريخ لابد وأن تشمل معطيات دقيقة وتكون أكثر موضوعية حتى لا يتم تشويه الموروث الحضاري الذي تشهد عليه الدلائل المادية التي تتبدى آثارها بارزة في مختلف المعمار، وهي تنطق بالموضوعية. فلا مناص من أن تواكبها كتابات موضوعية بعيدة عن الذاتية. فكل الذين اتسموا بالموضوعية قد أجادوا حقيقة في كتابة التاريخ وتناولوا المواد التاريخية بطريق صحيح ونهج سليم وشفافية ما كان له أثر في تطوير البحث العلمي واكتساب المادة التاريخية سمعة لائقة.
في حين ظل البعض الآخر ينزاح عن هذه الصفات خصوصا في الفترة الحديثة والمعاصرة، وهو ما جعل انتشار نوع من الذاتية دون المبالاة بعمليات الضبط للأحداث والتدقيق في الوقائع؛ إذ أن كل ذلك لا يهم بالنسبة إليهم، وليست له أية أهمية أمام ما يكتبونه، مما جعل المادة التاريخية أسيرة بين التجاذب الموضوعي والذاتي.
عواطف الغالي

لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *