قبل 16 ساعة

الفنانة التشكيلية خديجة أمركي.. ربط المعنى بلغة التجريد

بقلم محمد البندوري
تظهر دقة العمل التشكيلي لدى المبدعة خديجة أمركي في إحداثاتها التجريدية التي تشكل منجزها الفني، إذ لديها قدرة فنية على تغيير الشكل برؤى تجريدية حداثية، بتلقائية في الأداء وحرية في الإنجاز. فسرية التطور عبر مسلك تجريدي تكمن في تعمقها في الأشكال والألوان والعلامات والرموز، وهي مفردات فنية تغذي أعمالها التشكيلية بعيدا عن كل التمثلات الخارجية. واستناد إلى العمل النقدي التشكيلي، فإن أعمال المبدعة خديجة تظهر فيها أحيانا مجموعة من المقاربات التي تروم المضمرات الواقعية والصفات التجريدية والإيحاءات والرمزية، والعلامات الأيقونية الدالة على بعض المضامين التي تتستر في عمق الشكل واللون. وهي في الواقع تؤثث لثقافة تجريدية تخصب مجال الإبداع بتعبير تأملي ورمزية، لتخلص إلى ولوج فضاء تجريدي يستمد كينونته من تأصيل خاص بالفنانة ذاتها. فهي تتخذ من هذا النسيج الإبداعي أداة لابتكار تدفقات لونية، مغايرة للنمط الجاهز، فتستنطقه تدريجيا وفق مراحل تصل إلى حد سد منافذ الفضاء، وهو ما ينعكس على الفراغات ويمنح أعمالها أبعادا شكلية تلقي بظلالها على جملة من الجدليات والعلاقات التحاورية بين مختلف الألوان والرموز والعلامات، وبين المضمرات التي تنبت في كنف الأشكال الغامضة التي تحرر أعمالها من كل القيود. إنه بُعد واضح، في المجال التشكيلي المعاصر، تدل عليه فلسفتها في التعبير بهذه المقاربات، التي تؤصل لمسلك تجريدي يستجيب لضرورات التعبير في أغلب مضمراته.

  وهي استجابة تبرر تشكيل المبدعة خديجة لمساحات مغلقة وأشكال فنية مجردة، وهذا في المجال النقدي إشارة إلى أن الفنانة تسمع القارئ صوت التجريد ببلورة نسيج أعمالها وفق نقاط مركزية، وتنظيم لوني؛ تلتهب فيه المضامين فتنصهر في الشكل كما في المعنى المشترك. إنه توظيف حديث تؤسس به هويتها الفنية وأسلوبها الإبداعي، بقدر ما تحمله تجربتها من أنساق شكلية، ومن مفارقات متنوعة تعكسها التوظيفات اللونية والخطوط والأشكال والعلامات المكثفة في مجموع المساحة التي تغلب عليها الحركة بسمفونية إيقاعية.
وبذلك تظل المقاربة مغمورة بكل سياقات المادة التشكيلية المعاصرة، التي تتسم بوجود وشائج قائمة بين التشكيل والمضامين التي تخفي في عمقها دلالات ومعاني متنوعة، تعضدها الخطابات المخفية وراء حجب الكثافة. لتظل رهينة التأويلات المختلفة والقراءات المتعددة التي تستجلي إضافات جمالية. فتجسيد التقنيات المتنوعة، وتوظيف مفردات الثقافة التجريدية بتقنيات جديدة، يشكل نواة حقيقية لصناعة لوحات جديدة، تتبدى فيها أحد أهم الأدوار في إنتاج الجماليات المختلفة وإبراز سماتها في منجز فني تعبيري متوهج، تسمو به المبدعة في صفوة الفن التشكيلي إلى أبعد الغايات الفنية والجمالية.

لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *