قبل 4 سنوات
معرض تشكيلي.. قراءة جمالیة في أعمال تلامیذ ثانویة الإمام مالك الإعدادیة بمراكش
تحتضن ثانوية الإمام مالك الإعدادية بمدينة مراكش، الأسبوع الجاري، معرضا فنيا تشكيليا، يشارك فيه أكثر من 80 تلميذا وتلميذة، بإبداعات، شكلت نسیجا فنیا، یتأسس على مجموعة من المفردات التشكیلیة القویة التي تتداخل بشكل فني، سواء عبر اللون أو العلامات أو الرموز مع السیاق الفني العام.
المعرض، تشرف على تنظيمه الأستاذة سعيدة حدوبان، أستاذة الفنون التشكيلية بالمؤسسة التعليمية المذكورة، حاصلة على ديبلو م تاريخ الفن بفرنسا، وتنظم هذه التظاهرة الفنية، تحت إشراف مدير المؤسسة السيد عبد الفضل ايت الطالب.
وحسب الأستاذة المشرفة، أختيرت للمعرض مواضيع "محاكاة عمل فني تشكيلي في مجال التعبير والابتكار" و"فن التصميم الديزاين و"وضع تصميم لكرسي وصنعه" حسب المادة المختارة.
وضم المعرض طيلة السنة الدراسية الجارية أعمالا، أنجزت خلال الحجر الصحي، تمحورت حول مواضيع "الهندسة المعمارية كيفية رسم هرم" و"الجدع الهرم والمكعب بطريقة المنظور"، وأعمالا أخرى حول المنحوتات.
وخلال زيارتنا للمعرض، إلتقينا بالناقد محمد البندوري، الذي قدم لنا قراءة جمالیة في هذه الأعمال الفنية : قائلا " يتضح أن إبداعات التلامیذ والتلميذات المتنوعة، قد انبنت على أسس فنیة محضة، إذ شكل فیھا المجال الفني أحد الارتباطات التعبیریة القویة المتصلة مباشرة بالمدارس الفنیة مع اجتھادات تروم الفن المعاصر، وقد تَشكَّل ھذا المعرض من أعمال ذات ملامح تجریدیة وواقعیة وانطباعیة وتجسیمیة وفن التدویر بإبداعات، تقوم أحیانا على الاختزال للمساحة وأحیانا على إغلاق منافذ الفضاء، مع امتداد في الطلاء في بعض الأعمال، والضربات اللونیة وتبئیر الشكل في بعض اللوحات الأخرى، وتقدیم منجزات من فن المجسمات وفن التدویر بلمحات تعبیریة تنبني على الرمزیة والإشارة، وتظل المقاربة الفنیة رھینة كل سیاقات المادة التشكیلیة المنعشة للفضاءات المتشكلة في جوھر اللوحات الفنیة التي أثث جنبات قاعة العرض بالثانویة، وھي تتسم بوجود وشائج تشكیلیة قائمة بین المادة الفنیة عموما والمواضیع التي تم الاشتغال علیھا. كما أن تلك المواد التشكیلیة التي أنجزھا الفنانون الصغار بتقنیات عالیة، تخفي في عمقھا مضامین ودلالات قویة، ترتبط بالاستدراجات اللونیة التي تقویھا المسالك الخطابیة المخفیة وراء حجب الألوان والعلامات، لتظل التأویلات المختلفة والقراءات المتعددة تنبئ القارئ بتعدد الدلالات في ھذا المنجز الجماعي للتلامیذ".
وأضاف الدكتور البندوري، "أن اللوحات والمجسمات، تبدّت في شكل مبھج، إذ اعتمد المبدعون الصغار على المادة المتصلة بالحس أولا، ثم تثبیتھا في الفضاء على مساحات صغیرة وعلى خامات متنوعة من قماش وورق وجبص وخشب عبر مراحل في الأداء، ووفق خاصیات تشكیلیة تمتح من تصورات كل مبدع بعض المضامین التي یعالجھا فنیا بطرق جمالیة رائقة، وذلك باعتماد تقنیات متنوعة حسب النوع الفني بتقدیم إضافات تشكیلیة، تراعي المقاسات، وتوزیع الألوان، وتأخذ بعین الاعتبار الخاصیات الجمالیة المحلیة ما یفصح عن مواھب المبدعین، وما ينبثق من شعورھم بطرق فنیة خارجة عن المألوف، وبسحر تشكیلي متعدد الدلالات".
إن ھذه الأعمال التي أنتجھا تلامیذ ثانویة الإمام مالك الإعدادیة - يقول الناقد البندوري- تتبدى فیھا لمسات فنیة ذات جمالیات رائقة، مدججة بحزمة من الرموز والأشكال المختلفة المتصلة بالمادة التجریدیة أحیانا وبمواد تجسیمیة وانطباعیة ما یفصح عن درجة من الوعي في الإنتاج الفني، ومما یجعل ھذا المعرض، یتبدى في صور ملیئة بالأشكال التلقائیة المعبرة، وینم في الآن نفسه عن عملیة الأخذ من مجال تشكیلي صرف، بإضفاءات تصوریة واجتھادات تعْبُر
المجال التشكیلي نحو بؤر فنیة جدیرة بالقراءة والمتابعة. فھذا التوافر یجعل من ھذه الأعمال قوة تعبیریة تترنح في سیاقات فنیة متنوعة. وبذلك تكمن دقة العمل التشكیلي لدى ھذه الفئة من التلامیذ المبدعین في إحداثاتھم الجمالیة التي تغذي منجزھم الفني، فھم أضحوا كسائر الفنانین الذین لدیھم القدرة على تغییر الشكل المستھلك إلى بلوغ عالم تشكیلي معاصر، بدقة ملیئة بالأحاسیس والمشاعر والقیم الفنیة والجمالیة والتعبیریة. في الأداء، علما بأن سریة التطور عبر ھذه المراحل لدیھم تكمن في تقدیم مفردات فنیة واستنادا إلى العمل النقدي التشكیلي، فإن مجمل الأعمال الإبداعیة لھؤلاء التلامیذ المبدعین تظھر فیھا أحیانا ملامح التلقائیة والعمل المقارب بین المادة الفنیة والتوجھات التشكیلیة المتنوعة التي تخصب المجال للتأصیل لثقافة فنیة، لولوج عالم الإبداع بثقة وأریحیة. وإن تجسید التقنیات المتنوعة في ھذا المعرض، وتوظیف مفردات فنیة، لجدیرة بالاھتمام، لتشكل نواة حقیقیة في صناعة منجز فني إبداعي جدید، تتبدى فیه أحد أھم
الأدوار البارزة في التشكیل لإنتاج الجمالیات المختلفة، وإبراز سماتھا في أسالیب فنیة ذات أبعاد تفاعلیة، تُؤكد قوة ھذه المواھب لھؤلاء التلامیذ المبدعین الواعدین بمستقبل فني زاھر.
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!