قبل 5 سنوات

بعيدا عن كورونا.. رائعة هند نصير في معرض متحف الفن التشكيلي بجدة

تعتبر اللوحة الواقعية للفنانة التشكيلية السعودية هند نصير إحدى أهم الأعمال الرائعة المعروضة في معرض متحف الفن التشكيلي (بيت ارامكو) بجدة التاريخية الذي تم افتتاحه يوم أمس تحت رعاية وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن خالد بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود وصاحبة السمو الأميرة هاجر بنت عبد اللطيف شاه وعدد من صاحبات السمو الملكي: الأميرة البندري حرم الأمير فيصل بن مساعد آل سعود والأميرة الجوهرة بنت محمد آل سعود والأميرة منيرة بنت فيصل آل سعود والأميرة تالا بنت فيصل آل سعود. وتشكل هذه اللوحة غاية إبداعية من الفن الواقعي بصيغة جمالية تعكس الاحترافية العالية للمبدعة، التي صنعت من خلال هذا العمل مجموعة من العلاقات الجدلية، بمقومات ثقافية بيئية لها دلالتها في النسيج الفني المعاصر، وبتقنيات هائلة في مزج الألوان ووضعها بشكل رصين ومنظم، لتتخذ بعد ذلك من التعبير اللوني والفضاء الواقعي مادة أيقونية للتعبير عن ثقافة الورود والبيئة الجميلة بإلهام فني ساحر، ورؤى جمالية عميقة الدلالة، وبعلامات وأشكال تبدو في مجملها واقعية وهي ممزوجة بنخب من المواد التي تحمل مغازي وإيحاءات وإشارات رمزية، تقود إلى معاني كثيرة، ترتبط أساسا بسيميولوجية الفنانة هند نصير، وبفلسفتها الخاصة في بُعدها الصريح المتجانس مع مختلف مقومات التشكيل المعاصر، وهي تتجه أساسا إلى المجال التعبيري، ورصيدها الثقافي والمعرفي التشكيلي، الذي يشكل رصيدا قويا وأرضية خصبة في تدبير إبداعاتها التشكيلية. فالواقعية ومواد الطبيعة الملونة تؤشر على أسلوبها المكلل بالمضامين البيئية التي تزرع الأمل وتنعش النفوس، مما يعكس بشكل جلي رسالتها الفنية المؤثرة في العملية الإبداعية بنوع من الرقي والتحضر والتطور. فضلا عن التوظيف المحكم للتقنيات العالية ولتدفق اللون المعاصر بكميات دقيقة ومنظمة، وترادف الألوان وتناوبها بين الأبيض والأحمر والوردي والأصفر بنوع من المهارة الفنية وتعدد الصيغ الجمالية، ليتخذ التوليف بين المبنى والمعنى وصنع مجال بيئي بصيغ جمالية، فُسَحا قويمة للربط بين مختلف التصورات، وبين المجال الطبيعي بنوع من التوازن والتكامل والانسجام. وهو في حد ذاته قوة تعبيرية مثقلة بالتعابير التراثية والقيم الإنسانية. وتتبدى فيها أيضا اجتهادات كبيرة، تربط هذا العمل بالمادة التشكيلية المعاصرة في أبهى صورها الجمالية، فهي تنتج من خلاله تعابير من عصرها، ومواد جمالية رائقة، وبذلك يتخطى هذا العمل حدود الواقع بالمقاييس التشكيلية التي تعتمدها المبدعة كأدوات فنية بنائية وكمقومات جمالية خالصة. مما يصنف عملها هذا في خانة الفنون التشكيلية المعاصرة ذات الطابع الجمالي والبعد الإيحائي. فهي قد قدمت مشهدا واقعيا لامست به المادة التعبيرية بمؤهلات كبيرة وكفاءة عالية ومهارات فائقة وقدرات إبداعية لائقة، فحركت النسق اللوني وأثرت في الرؤية البصرية والحسية إذ حولت المادة من الواقع إلى فلسفة وإلى دلالات متعددة، وفق مسلك تحاوري، وبأدوات تحولية، اخترقت الجمال الطبيعي في أبهى حلله الساحرة، وبتوظيف مفردات تشكيلية صرفة، وقيم جمالية، وتقنيات عالية، وأسلوب رصين الأشكال، ومتنوع المضامين، وذلك لإرساء مقومات العمل الفني المرتكز على أسس بنائية وخزان من الأشكال والألوان، على نحو إبداعي هادئ.

إنها بهذا العمل قد نسجت مجالا خصبا متنوع الألوان والدلالات، باختيارات غاية في التنظيم والتدقيق والبناء المحكم، وتلك سمة تلوح بوادرها في هذا الإبداع المفعم بالخصائص الجمالية، والقيم البيئية، لتؤكد وجودها الفني وعمقها التشكيلي، وحضورها الإبداعي في الوسط التشكيلي العالمي المعاصر.

د.محمد البندوري

لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *