قبل سنتين
الجامعة الصیفیة الرابعة لمنظمة العمل المغاربي.. باحثون یؤكدون على أھمیة الأمن المائي والاھتمام بالعالم القروي
انطلقت أشغال الجامعة الصیفیة المغاربیة التي نظمتھا منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة ھانس زایدل وبمشاركة عدد من الباحثین من المغرب ولیبیا ومصر، یوم الجمعة 15 یولیوز 2022 بمراكش، حول موضوع: الشباب والعدالة المجالیة، والتي أطلق علیھا المنظمون دورة الراحل الدكتور عبد الغني الخرشي أحد مؤسسي المنظمة اعترافا بإسھاماته وعطاءاته داخل المنظمة.
في الجلسة الافتتاحیة التي ترأسھا د.محمد لطفي الباحث المصري في قضایا الحكامة، أشار رئیس منظمة العمل المغاربي إدریس لكریني إلى أن الشباب یشكل نسبة مھمة داخل المجتمعات المغاربیة، وھي الفئة الأكثر دینامیة وتعلّماً وانفتاحاً وتكویناً في مجال التكنولوجیا الحدیثة، حیث أثبتت جدارتھا في مختلف المجالات العلمیة والعملیة، ومع ذلك فھي ما زالت تعیش على إیقاع الكثیر من الأوضاع السلبیة والإكراھات، بسبب مجموعة من المشاكل المتصلة بالمشاركة السیاسیة، والاندماج المنتج والمنفتح في بلدانھم، كما أن ھذه الفئة تعد الأكثر تضررا من الاختلالات المتعلقة بإشكالیة العدالة المجالیة ونواقصھا، مبرزا أھمیة الحد من الفجوات الترابیة وإعادة التوزیع المتوازن للفرص والإمكانیات، في النھوض بأوضاع الشباب.
أما د.حسن السطوطي أحد أقرباء وأصدقاء الراحل الدكتور عبد الغني الخرشي فأشاد بأخلاق ھذا الأخیر، وبنشاطاته العملیة كطبیب نفسي وبمبادراته الإنسانیة ونشاطاته العلمیة وفي إطار المجتمع المدني، مؤكدا على أھمیة المبادرة لكونھا تجسد ثقافة الاعتراف والامتنان.
أما الجلسة العلمیة الأولى التي ترأسھا محمد نشطاوي الأستاذ بكلیة الحقوق بمراكش، فقد استھل الجیلالي شبیه الاستاذ بكلیة الحقوق بمراكش مداخلته، تحت عنوان اللاتركیز واللامركزیة وإشكالیة العدالة المجالیة بشرحه لمدى تداخل الجغرافیا مع التاریخ مع علم الاجتماع على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي ..وخصوصا الجانب السیاسي الذي له علاقة وطیدة بإعداد المجال ، بحیث أكد بعد تعریفخ للمجال في علاقته بالمرافق العمومیة وتأثره بطبیعة الحكم، ان طبیعة الحكم تأثر على تدبیر واحتكار المجال من طرف السلطة الحاكمة. وأضاف أن المغرب عرف محطات أساسیة في الحكم عبر اعتماده على عدة أشكال للامركزیة كاللامركزیة السلالیة واللامركزیة الاحتكاریة فكلما كان ھناك تمركز للسلطة یستدعي اجتذاب مناطق أخرى من المجال لتوسیع الحكم.
واختتم الأستاذ الجیلالي شبیه مداخلته بأن توزیع المجال یتخذ منحى تنازلي وآخر تصاعدي یتجلى في توفر مرافق عمومیة وتطرق أیضا للتفاوتات المجالیة بین الجھات وداخل الجھات مستدلا بمجموعة من الأرقام والإحصائیات.
وحول موضوع الشباب اللیبي والمشاركة السیاسیة أوضح كل من الدكتور نوري محمد إبراھیم والأستاذة عمار سلامة الباحثین من لیبیا ان الأوضاع القائمة بالبلاد ساھمت بشكل كبیر في عزوف الشباب اللیبي عن المشاركة السیاسیة، كما أن التفرقة والنزعة القبلیة أثرت بدورھا في الأوضاع الحالیة للبلاد مؤكدین على أھمیة التوافق بین الفاعلین كسبیل لتحقیق التنمیة وإدماج الشباب وتحفیزھم على المشاركة السیاسیة خدمة لمصالح البلاد واستثمار الإمكانات البشریة والطبیعیة المتوافرة.
بعد أخذت لكلمة للسیدة لیلى ماندي مدیرة المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الماء والطاقة بجامعة القاضي عیاض، تناولت حول استھلاك الماء وتدبیره وتوزیعھ حول التراب الجغرافي للمغرب كما أشارت إلى المخطط الوطني 2030-2016 PNAM . الجغرافي مستدلة بمجموعة من الإحصائیات التي توضح طریقة التوزیع المائي عبر المجال.
وأشارت أیضا إلى السیاسة المائیة الوطنیة من خلال أھمیة السدود ودورھا في حمایة الثروة المائیة وترشیدھا عبر الاستغلال المعقلن للمیاه في ظل ندرة المیاه وكذلك تقلص الموارد المائیة والتوزیع غیر العادل للمخزون المائي كلما تم الاتجاه نحو الجنوب وبالتالي قامت المغرب بإنجاز مجموعة من المشاریع سواء تعلق الامر ببناء السدود ومحطات تحلیة المیاه ومحطات معالجة المیاه العادمة وتدبیر النفایات والتطھیر السائل.
وتطرق الأستاذ نوفل غیفي أستاذ الاقتصاد بكلیة الحقوق بمراكش في مداخلته حول موضوع الاندماج الاجتماعي إلى بعض النظریات الفقھیة في مجال الاستثمار والتدبیر حیث ركز على الجانب التدبیر في مجال خلق المقاولة بالإمكانیات المتوفرة بدل الاعتماد بالأساس في خلق المشاریع على الدولة، مشیرا إلى بعض التجارب الدولیة التي تم خلالھا تدویر بعض النفایات الصناعیة خدمة للتنمیة وبعض الفئات الاجتماعیة المعوزة مثلما تم في الھند، مشیرا أیضا إلى جھود الأستاذ فاطمة المرنسي كباحثة اجتماعیة مغربیة في ھذا الشأن وبخاصة على مستوى الاھتمام بمناطق نائیة في المغرب.
وفي الجلسة العلمیة الثانیة التي أدارھا العربي بلا الأستاذ بكلیة الحقوق بمراكش، اعتبر مصطفى جاري الأستاذ بنفس الكلیة في مداخلتھ حول رھانات وتحدیات تدبیر السیاسات الترابیة المجالیة، أن العدالة المجالیة تساوي العدالة الاجتماعیة، وأن الرھانات تقتضي توجھا معینا في السیاسات العمومیة ولا مجال لمقارنة دولة غنیة مع دولة فقیرة ودولة متخلفة مع دولة متقدمة في علاقتھا مع الدیمقراطیة.
كما أن صناعة السیاسة المجالیة تتطلب شروطا أھمھا تدخل فاعلي الدولة حیث أنه عملیا يجب أن یكون توازن بین وجود عمل الدولة كقطاعات وفاعلیین وعمل محلي من خلال إمكانات محلیة من حیث تمویل المشاریع بإمكانات محلیة دون الاعتماد فقط على الضرائب.
وفي ختام مداخلة الأستاذ جاري أكد أن المشاركة الفعالة ھي مشروع مجتمعي لعقلنة السیاسة العمومیة وصناعة القرار.
وفي ختام الیوم العلمي الأول للندوة تساءل محمد البوعیادي، أستاذ في كلیة الآداب والعلوم الإنسانیة بالجدیدة ضمن موضوع السینما والعالم القروي: في الحاجة الى عدالة الفرجة والتلقي، عن علاقة السینما بالعالم القروي من جھة وتعامل الدولة المغربیة مع العالم القروي.
من جھة ثانیة، كما استند في مداخلته للتقریر التركیبي للمجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي والبیئي لسنة 2017 ،كما تطرق لبعض المحطات التاریخیة لنشأة الوعي السینمائي بالمغرب انطلاقا من سنة 1902 مرورا بفترة الحمایة وإلى غایة إنشاء المركز السنیمائي 1944 ووصولا الى مرحلة الدعم السینمائي بین 1954 الى 1959 حیث انتقل تدبیر قاعات السینما المغربیة من الاستعمار الفرنسي الى المملكة المغربیة، كما تطرق الأستاذ الى مستویات الفرجة في القاعات السینمائیة أو من خلال تنظیم المھرجانات كبدیل للفرجة كمھرجان بئر مزوي بخریبكة وملتقى زرھون لسنیما القریة.
وكخلاصة فالعالم القروي غائب في الصناعة السینمائیة ولفك العزلة عن العالم القروي، وضعت الدولة برنامجا لإحداث 150 دار للشباب كبدیل للقاعات السینمائیة في أفق إقرار عدالة سینمائیة.
واستؤنفت صباح یوم السبت 16 یولیوز 2022 أشغال الیوم الثاني للجامعة الصیفیة المغاربیة التي نظمتھا منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة ھانس زایدل وبمشاركة عدد من الباحثین حول موضوع: الشباب والعدالة المجالیة، بجلسة علمیة ثالثة أدارھا عبد المجید أبو غازي، أكد خلالھا المصطفى الصوفي الأستاذ بالكلیة المتعددة التخصصات بآسفي، أن المجال ھو موضوع معقد تتداخل فیه كثیر من المعارف والقضایا التي تھم الشأن العام ذات بعد سیاسي واقتصادي واجتماعي، فھو موضوع غایة في الأھمیة حیث أنه مبني على مرجعیات فیھا مشارب علمیة متنوعة حیث أنه في أي نقاش في ھذا الصدد نصادف مشاكل جوھریة في توظیف المفاھیم، وأضاف الأستاذ الصوفي أن العدالة المجالیة ھي مرتبطة بشكل أو باخر بالبعد التنموي ففي نھایة المطاف العدالة ستعود بنا إلى التنمیة من خلال التوزیع العادل للثروات في كل مجالات الدولة والمجال كمفھوم تم تعامل معه من طرف الجغرافیین بشكل اكبر حیث أنھ قد یكون عبارة عن وسط طبیعي او بشري وقد یكون اجتماعي وقد یكون بیئي فالمجال تحدده مجموعة من العلاقات فھو أیضا وعاء للنشاط البشري باعتباره سلوكا فردیا وجماعیا. وخلص الأستاذ الصوفي الى خلاصات مفادھا أن المجال والعدالة المجالیة تطرح عدة تساؤلات لعدم وضوح المفھوم في ظل تنوع أنواع المجال ،كالمجال العام والمجال الخاص والمجال الاجتماعي و الریاضي و الدیني والمحلي الى غیر ذلك. كما أبرز في نھایة مداخلته أن مشكل العدالة المجالیة لا یمكن حله إلا من خلال النخب المحلیة باعتبار أن المجال ومنتوج اجتماعي، وما ھو مجتمعي ینتج المجال.
أما مداخلة الاستاذ عبد الرحیم العلام الأستاذ في كلیة الحقوق بمراكش التي كانت تحت عنوان الدولة وھامشھا القروي نحو عدالة توزیعیة للرأسمال الرمزي، فتساءل فیھا ب: ھل فعلا القریة ھامش لأنھ في الاصل كانت القریة وفي الاستثناء كانت المدینة ثم تطورنا الى ما نسبته 60 في المئة سكان المدینة واربعون في المئة سكان في القریة.
كما طرح الاستاذ تساؤلا حول أسباب الھجرة من القریة إلى المدینة ولماذا لیس العكس كما هو في الحال في عدد من الدول الأوروبیة، حیث أصبح سكان المدن یھاجرون للقرى، وأضاف أن ھناك مبدئین في تحقیق العدالة اعتبارا من أن لكل شخص الحق في الحریة والعیش بكرامة وأن المراكز والوظائف ومراكز القرار یجب ان تكون مفتوحة في ظل شروط تضمن الدیمقراطیة والمساواة وتكافؤ الفرص. لیختتم مداخلته بأن الھجرة من القریة إلى المدینة تتمثل في البحث عن شروط العیش الكریم حیث ان ابن القریة محروم من مجموعة من الحقوق كالحق في السینما والموسیقى والملاعب والتعلیم باعتبار الفوارق الكبیرة في الخدمات على المستوى الثقافي والسیاسي والاقتصادي، ما بین القریة والمدینة.
وخلال الجلسة العلمیة الرابعة والتي ترأسھا الاستاذ حسن المازوني الأستاذ بكلیة الآداب والعلوم الإنسانیة بمراكش، أشار أیت الحاج زكریاء الطالب الباحث في سلك الدكتوراه بنفس الكلیة، في مداخلته تحت عنوان العدالة المجالیة وسؤال التنمیة بحوض أوریكا بالأطلس الكبیر الى مجموعة من المعیقات والاختلالات التي تعیق تحقیق العدالة المجالیة، أھمھا الخصوصیة الجغرافیة للمجال والتي تتجلى في صعوبة الوصول للمناطق الجبلیة البعیدة عن المركز بسبب ضعف الشبكة الطرقیة والتضاریس الوعرة بالإضافة إلى المشكل التنظیمي والاداري والذي یبقى من أبرزه غیاب المخططات والوثائق التعمیریة التي توثق للمجال و غیاب تصامیم التھیئة التي تراعي خصوصیات كل مجال على حدة.
بالإضافة الى ما سبق، ختم الباحث أن من بین أھم المعیقات أیضا ھناك غیاب الإرادة السیاسیة التي تحول دون تحقیق العدالة المجالیة بالمناطق الجبلیة وخصوصا على ضفاف الودیان المھددة بالفیضانات.
ومن جھتھا فقد أشارت عفیفة بلعید الباحثة في علم السیاسة من خلال مداخلتھا المتعلقة بشبكة التواصل الاجتماعي والمشاركة السیاسیة للشباب إلى أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السیاسیة وذلك راجع بالأساس الى المشاكل والإكراھات التي یواجھھا الشباب داخل الأحزاب السیاسیة أبرزھا غیاب الدیمقراطیة و إقصاء الشباب وتھمیشھم داخل التنظیمات الحزبیة ومشكل الشبت بالكراسي والصراعات الحزبیة .
وخلصت الأستاذة عفیفة في مداخلتھا إلى أن ھذه العوامل ساھمت في نزوح الشباب نحو فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي وذلك للتعبیر عن أرائه وللحصول على مزید من الحریات ولاسیما التي تناقش المواضیع المرتبطة بالمواطن.
وفي الختام أشار المنتصر المیر الطالب الباحث في الإعلام، ضمن مداخلته حول موضوع الإعلام الرقمي كرافعة للتنمیة المجالیة، إلى الدور الكبیر الذي یلعبه الإعلام الرقمي من خلال المساھمة في جلب مشاریع تنمویة للمجال عن طریق التعریف بخصوصیات المجال والتواصل السلس مع الجھات الداعمة من خلال استثمار ھامش الحریة التي تتیحھا ھذه
الشبكات، مستدلا بذلك بنماذج من مشاریع تنمویة، لمجموعة من المناطق وما تزخر به من إمكانیات سیاحیة كمنطقة ولیلي وزرھون وسلا.
وقد خلصت الجامعة إلى مجموعة من التوصیات، كما یلي:
- الدعوة إلى استحضار المجال القروي وانتظاراتھ في السیاسات العمومیة؛
- التأكید على أھمیة الفكر والثقافة بروافدھا الفنیة والإبداعیة في إرساء عدالة مجالیة
شاملة ومستدامة؛ - التأكید على أھمیة استثمار الإمكانیات السیاحیة التي تزخر بھا عدد من المناطق المغربیة في إطار الحد من الفوارق المجالیة؛
- التأكید على أھمیة الممارسة الدیمقراطیة كقاطرة لتعزیز العدالة المجالیة التي تدعم تحقیق التنمیة؛
- التأكید على دور النخب المحلیة والنخب الإداریة والمدنیة في كسب رھان العدالة المجالیة.
- توفیر شروط العیش الكریم بالقریة من خلال سیاسة تنمویة تعتمد بالأساس على خدمات القرب ومن خلال سیاسة اجتماعیة تحول دون ھجرة سكان القرى والمداشر والھوامش إلى المدینة.
- جعل العدالة المجالیة ترتبط بالخصوصیات الجغرافیة والجیولوجیة للمجال.
تأطیر الشباب داخل الأحزاب لتشجیع المشاركة السیاسیة؛
- استثمار الإعلام الرقمي وجعلھ رافعة لتنمیة المجال من خلال التعریف بمؤھلاته؛
- توظیف التكنولوجیا الحدیثة في تعزیز ودعم العدالة المجالیة؛
- لعدالة المجالیة مدخل أساسي لإحقاق العدالة الاجتماعیة لما تضمنھ من توزیع متوازن ومتكافئ للتقسیم الترابي، والاستثمار والاستفادة المتوازنة مما یختزن في بلد من البلدان من ثروات طبیعیة وطاقات بشریة؛
- التأكيد على مسؤولیة الدولة الأساسي في تحقیق العدالة المجالیة؛
- أھمیة الذكاء الترابي في تحقیق ھذا الرھان.
- التأكید على أھمیة رسم سیاسات تدعم الأمن الغذائي والمائي في ظل التحدیات البیئیة
والتحولات الدولیة المتسارعة.
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!