قبل 5 سنوات

نور الإسلام ساطع.. رغم المحاولات لإطفائه على امتداد التاريخ

توالت محاولات لإطفاء نور الإسلام على امتداد التاريخ، وشاركت في إنجاز هذا الإطفاء كل قوى الشر من شياطين الجن والإنس.

وفي حقائب التاريخ نجد آثار تلك المحاولات تُغذيها أحقاد متعددة على الإسلام. وقد ظهرت في أشكال مختلفة مثل الحروب الصليبيّة، والصراعات المذهبيّة بين الدول، والخلافات العقديّة بين الفِرَقٌ الكلاميّة التي وسعت الأنظار في طرق الإطفاء.

وبلغت تلك المحاولات كل المرامي للقضاء على الإسلام بنسف عقيدته وإقصائها؛ باتساع الحروب الاستعماريّة، وما أحدثته من جرائم وانتهاكات لحقوق الشعوب وخيراتها.

فمنذ انطلاقة الحركات الاستعماريّة في العصور الحديثة؛ أصبحت بلاد الإسلام تحت رحمة العالم الغربي. فقد تسلَّط الكفار على بلدان الإسلام، وتكالبوا على خيراتها وتداعوا إلى اقتسامها؛ فصارت أمامهم شبيهة بقَصْعَة مُهيَّأةٍ للأكل؛ كما ورد في حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال:

«يوشكُ الأممُ أن تَداعى عليكم كما تَداعى الأكَلَةُ إلى قَصْعَتِها».

فقال قائل: ومِن قِلَّةٍ نحنُ يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غُثَاءٌ كغثاء السَّيل، ولَيَنْزَعَنَّ اللهُ من صدور عدوكم المهابةَ منكم، ولَيَقْذِفَنَّ في قلوبكم الوَهْنَ». فقال قائل: يارسولَ الله، وما الوَهْنُ؟ قال: «حبُّ الدنيا، وكراهيَةُ الموت».

تداعت الأمم للاستيلاء على العالم الإسلامي بالقضاء على الخلافة الإسلامية، وتجزيئ الديار وتقاسم ما كان تحت نفوذها بين الحلفاء في اتفاق معاهدة (سايكس بيكو) سنة 1334هـ/1916م.

نهبوا الثروات، وسخَّروا أنظمة تابعة لهم؛ تساعدهم على إذلال شعوب لم تُغْنِ عنها كثرتُها؛ إذ أصبحت لا إرادة لها في إيقاف استغلالها حسب إملاءات أَكَلَتِها. ووجدت نفسها تنقاد لأهداف الأكَلَة خوفاً من مكايدهم.

وأقول لك من الآن، لن تكون الأمَّة الإسلاميَّة بعد عهد (كورونا) قَصْعَةً، تتداعى إليها الأكلة من الأمم! ستنتهي أسطورة العولمة وستصبح بيننا وبين الأكَلَة حواجز وقيود؛ إن بقيت لهم كيانات! وستتولى التجارة الإلكترونية مهمة التبادل التجاري؛ فيما تدعو الحاجة إليه؛ إن بقيت هناك حاجة وندعو الله تعالى ونحن في الحجر الصحي، أن تسعفنا أيام رمضان (1441هـ) ولياليه في تغيير أحوالنا، وحدوث ثورات حاسمة في نفوسنا؛ تقربنا إلى الله عزَّ وجلَّ. وأن يكون هذا الشهر حدثاً فاصلا في حياة كل واحد منا.

في سياق محاولات الإطفاء لنور الله في الأرض؛ تظل الأمة الإسلاميَّة محطَّ أنظار الأمم القوية التي تتربص بها للقضاء على دينها، وتسعى – في ذات الوقت - إلى السيطرة على خيراتها، واتخاذها قصعة تداعى عليها الأكلة.

ولِم هذه الأمم قوية وأمة الإسلام ضعيفة؟ لأن أهل هذه الأمة بدل أن تجتمع كلمتهم على أمر سواء؛ تنازعوا أمرهم بينهم فذهبت ريحهم، وعاشوا في غفلة عن أمر التدافع بين الحق والباطل.

ولم يكن الأمر من قلَّةٍ في عددهم (ولكنهم غثاء كغثاء السيل). كثرةٌ يذهب بها السَّيْلُ حيث يشاء، بدون وِجهة، بدون هُوِيَّة، بدون فاعلية، بدون قيادة...أبهذا يتمُّ حمل رسالة الإسلام، ويدخل بها المرء معركة الحياة؟

قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء:10].

ومما زادهم ضعفاً وهواناً بين الشعوب أنهم ما زالوا يحتكمون في قضاياهم إلى سلطة الأمم المتحدة. وما هي إلا تسلُّط على خيرات بلدانهم، وتحكُّم في أنظمتهم، وتوجيه لاقتصادهم، وجعلهم عالة على غيرهم...

وقلتُ سابقا، إن عهد (كورونا) فرصة نادرة في حياة من كانوا ولا يزالون قَصْعَة! إذا هم أدركوا الإخبارَ الغيبيَّ الذي يكشف لهم عن حقيقة (الغثائية) التي هم فيها! وإذا هم أدركوا ما تحمله رسالة القصعة من غايات تخرجهم فعلا من حب الدنيا، وكراهية الموت. وهيهات أن يُدركوا ذلك!

يبدو أن أهل القصعة اليوم بدأوا يشعرون بقرب انقلاب القصعة على رؤوسهم وعلى رؤوس الأكَلَة! فقد بدأ الخوف يدبُّ في كياناتهم الاقتصادية، وأصبح استكبارهم وبالاً عليهم.

إنه الخوف أن تُصبح قِصَاعُهُمْ فارغة؛ فلا يجدون ما يُطعمون به أنفسهم أولا؛ فينتهي تداعي الأكلة على قصاعهم مع جوعهم وحاجتهم إلى الأكل!

وعلى كل، فقد جاء زمن (كورونا) لتَخرجَ الأمة من حالة (الغثائية) فتعود إلى عزتها الإيمانية لدفعِ العبث والطغيان عن الأرض.

الدكتور عباس أرحيلة، مفكر وعلامة مهتم بدراسة التراث العربي الإسلامي

الوسوم:

لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *