قبل 3 سنوات
حوار.. الفنانة التشكيلية السعودية هند نصـــير مغمورة بسياقات المادة الواقعية
تشكل القاعدة التشكيلية للفنانة التشكيلية السعودية هند نصير لبنة شخوصية تعبيرية تتغذى من المدرسة الانطباعية الواقعية. وهي تعتمد الكثافة اللونية إلى حد ما، لتشكل من خلالها نسيجا فنيا رائقا تتداخل فيه الأشياء المنفصلة سواء عبر اللون أو الرسومات الواقعية.
وتسعى الفنانة تحقيق الانسجام فيما بينها مما يفضي إلى معنى أساسه الانطباع الصادر من تأثير الواقع في نفسيتها، وبذلك تظل المقاربة الفنية للفنانة هند مغمورة بكل سياقات المادة التشكيلية المشكلة للفضاء، تتسم بوجود وشائج قائمة بين التشكيل في انطباعها والموضوع في الواقع. وبذلك فإن تلك الكثافة تخفي في عمقها مضامين ودلالات قوية، مرتبطة بالاستدراجات اللونية التي تعضدها الخطابات المخفية وراء حجب الألوان المتنوعة، لتظل رهينة التأويلات المختلفة والقراءات المتعددة الناتجة عن تعدد الدلالات.
وهذا ليس بغريب عن المبدعة هند نصير لأن البناء التشكيلي الواقعي عموما يعتمد في جوهره على المادة المتصلة بالواقع أولا، ثم تثبتها المبدعة هند في الفضاء وفق خاصياتها التشكيلية المحددة وأسلوبها الرائق الفريد، باعتمادها كمادة مدروسة تدقق في المقاسات، وبإضافات جمالية تشكيلية واشارات تفصح عن خلجاتها ولواعجها، فهي عناصر تنبثق من شعورها بأشكال وطرق تعبيرية غاية في الجمال، وبطريقة فنية مغايرة، وبسحر تشكيلي متعدد الرؤى والدلالات. وهي بذلك تنحت مسارا تجديديا فريدا يعتمد أسلوبا رائقا في التعبير المدجج بالعصرنة والتوظيف الجمالي الرائع سواء على مستوى الألوان الرائقة، أو على مستوى توظيف المساحات في الفضاء، أو على مستوى الأشكال الفنية وعملية التنظيم الوظيفي لمختلف المكونات الفنية، وهي كلها عناصر تؤكد عمليات التجدد في الواقعية المعاصرة لدى الفنانة هند نصير. وهو كذلك ما ينم عن تجربتها التشكيلية الرائدة التي تتغيا الواقعية المعاصرة بمنجزات تشكيلية واقعية جديدة. يتبدى ذلك من خلال صياغتها الفنية لأشكال واضحة المعالم في مساحات متوسطة وكبيرة، بتقنيات عالية ومؤهلات غنية ولمسات صباغية غاية في الجمال، تقوم على التسويغ الفطري والانسيابي والانطباعي والواقعي المعاصر، بكل ما يقتضيه أسلوبها من عناية بالقيم وبمقومات المجتمع العربي، ويعد ذلك انجازا فنيا معاصرا في الساحة التشكيلية المعاصرة بكل ما يحمله من معاني ودلالات.
إن الفنانة التشكيلية هند نصير تمتح من البيئة السعودية مقوماتها الأساسية لصياغة العناصر التشخيصية والطبيعية بانسجام تام، يجعل خاصية التعدد الشكلي والواقعي وما يثيره من ايحاءات يحدث مجالا فنيا غزير بالتعابير مما يتيح المجال للقارئ المشاركة في العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة بتطويع نقداته.
وهذا حوار أجريناه معها:
- من هي الفنانة هند نصير
هند نصير من مواليد مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. تعشق الرسم منذ صغرها، وكانت تشارك في نشاطات المدرسة، وكانت دائماً تعلم أن لديها طاقة يجب أن تخرج في بلورة فنية وهي(الرسم) الذي يشكل التعبير الأمثل لها. وبعد انتقالها من المرحلة الدراسية إلى المرحلة الجامعية حدثت الصدفة الجميلة بأنها تزوجت بالفنان الكبير هشام بنجابي، فلعبت هذه الصدفة دورا رائعا في توجيه مسارها الفني، حيث قام الفنان الكبير هشام بنجابي بتشجيعها والأخذ بيدها عندما وجد لديها الحس الفني، فأكملت المشوار وتتلمذت على يده.
- بمن تأثرت هند نصير في تجربتها الفنية؟
تأثرتُ كثيرا بزوجي الفنان هشام بنجابي، وكنت أطلع على كتب لفنانين عالميين، وانبهرت كثيراً بكبار الفن في العالم، منهم دالي وبيكاسو ورينيه، بالإضافة إلى أسماء كثيرة.
- هل تنتمين إلى مؤسسة تشكيلية معينة؟
أنا في الحقيقة أنتمي إلى مؤسسة الفن الانطباعي الواقعي.
- ماهي المواضيع التي تبعث فيك هواجس الرسم؟
المواضيع التي تشدني للرسم غالبا ما تتعلق بالطبيعة كالورد والأزهار، لأني أجد فيها تعبيرا كبيرا يرتبط بالإنسان، وأشعر من خلال هذه المواضيع بالانسجام مع كل لوحة أرسمها بكل تشكيلاتها؛ فهي تسكنني من الداخل، وتدعوني بإلحاح لتصوير الحالة الشعورية التى تنعكس من نفسي وتُتَرجم في اللوحة.
- ماذا تريدين تقديمه كرسائل فن من خلال رسوماتك؟
أنا كلما جلست أمام اللوحة تخرج من داخلي طاقة كبيرة تعبر عن قدرة الله سبحانه وتعالى في تكوين هذا الكون وإبداعه فيما خلق، وأيضاً أريد من المتلقي الذي يلامس لوحاتي أو حتى جزءا من أعمالي التشكيلية أن يكون من المؤكد أنه يرى من خلالها مرائيته من صنع الله سبحانه.
- يقول عنك النقاد: إن المرأة حاضرة في رسوماتك التشكيلية القديمة والجديدة، ما السر في ذلك؟
المرأة هي المرأة منذ القدم، وأحاسيسها ومشاعرها لن تتغير في عطائها كزوجة وكأم، وهي نصف المجتمع، وهي أيضاً امرأة لها دور فاعل في المجتمع، لذلك دائما أجد نفسي مشدودة لرسم هذه المرأة.
-تستعملين في أحيان كثيرة ألوانا ترابية محددة وأسلوبا مثيرا للبصر، هل هذا نابع من قناعاتك التشكيلية ودراساتك الأكاديمية أم أنك توظفين ذلك بشكل فطري؟
لا، بل لأن ذلك هو الأنسب للتوظيف الفطري.. بمعنى أني أضع الألوان بشكل فطري بدون حساب لأي نسب كانت، وأطلق العنان لهذه الفطرية من خلال لمساتي العفوية التي تؤكد على المضمون والشكل.
- كيف تنظرين الى الحركة التشكيلية العربية في الوقت الراهن؟
تشهد الساحة التشكيلية العربية في هذا الوقت بشكل عام حركة تواصل فكري ممتاز، خاصة وقد بات التواصل أيسر في ضوء التقنيات الحديثة مثل النت الخ.. وأيضا في ظل شح طباعة الكتب التي تخص الحركة التشكيلية العربية، مع قلة مواردها مما يجعل التواصل قائما بأسلوب فردي بين مختلف فناني الوطن العربي. ولكن ذلك يؤكد فعاليته الكبيرة مع دور الفنانين الكبار من خلال أعمالهم الفنية وتأثيرها في الآخرين.
- أنت عضو فاعل في أكاديمية هشام بنجابي، ماذا تحقق هذه الأكاديمية الفريدة في الوطن العربي من مزايا للفن عموما؟
الحقيقة ليست فكرة الأكاديمية الفريدة في العالم العربي، إنما وجدت لتكون ركيزة ثقافية فنية من ركائز المجتمع المحلي، وطموحنا من خلال هذه الأكاديمية أن تصنف أصحاب القدرات والمهارات والمؤلفات الناتجة من تجارب تستقي معلوماتها من خلال تجارب على أرض الواقع.
- هل لديك مشاريع فنية مستقبلية؟
في الحقيقة أنا أسمع عن اجتماعات كثيرة للمرأة العربية وأيضاً عن معارض تقام هنا وهناك، فأتمنى من الله عز وجل أن أستطيع تنظيم معرض سنوي يجول في العالم ويظهر مدى قدرة المرأة وثقافتها ومعرفتها في نشر السلام والمحبة بين الأمم وتثقيف العالم العربي، بمعنى أن الفن هو رسالة إبداعية في حياة الانسان في كل المجالات.
حاورها: د محمد البندوري
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!