قبل 4 سنوات
توقيع اتفاق السلام يطوي عقودا من الحروب الأهلية بالسودان
بعد عقود من الصراعات دامت لنحو 65 عاما في أقاليم دارفور وجنوب كردفال والنيل الأزرق ، وأدت إلى تشريد ووفاة الملايين ، يدخل السودان مرحلة جديدة من الاستقرار بتوقيع اتفاق سلام نهائي بالعاصمة الجنوبية جوبا في الثالث من أكتوبر الماضي بين الحكومة الانتقالية وعدد من الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية السودانية.
ويطوي اتفاق السلام ، ملف الحروب الأهلية لتتفرغ الحكومة لإعادة ترتيب أولويات البيت السوداني ، بما في ذلك بدء تشكيل حكومة وطنية انتقالية، قادرة على معالجة التحديات التي وقفت لعقود طويلة أمام تطور البلد واستقراره وازدهاره.
ورغم أن الاتفاق غير مكتمل لوجود حركتين كبيرتين خارجه، الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو ، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور ، فإنه يشكل فصلا سياسيا جديدا، إذ ستستأنف الثورة السودانية مرحلة جديدة يتم بموجبها إعادة تشكيل الحكومة ، وإحداث تغيير في مجلس السيادة، والتسريع بتكوين المجلس التشريعي (البرلمان). والواقع ، أن توقيع اتفاق السلام الذي بدأت المفاوضات بشأنه في نونبر 2019 بعد الاطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019، يؤكد أن السلام أولوية الحكومة السودانية ويجب أن يكون لدى الجبهة الثورية التي تتمتع بثقل سياسي وتأثير ديمغرافي كبير نفس الأولوية.
ويتيح اتفاق جوبا للسلام ، ضمانات العودة الآمنة لمئات آلاف اللاجئين والنازحين إلى قراهم الأصلية ،كما يمنح أبناء الإقليمين أفضليات في التنمية المتوازنة والتعليم وفي الوظائف الحكومية على المستويين الإقليمي والقومي ويعيد هيكلة أجهزة الحكم الانتقالي.
ويشكل الاتفاق أساسا قويا لإرساء مرحلة جديدة في تاريخ السودان يسودها الاستقرار والتعايش المشترك من خلال ما يتضمنه من حلول متكاملة لجذور الحرب الأهلية من خلال بروتوكولات عدة تتعلق بإعادة توزيع الثروة واقتسام السلطة واعتماد إدارة التنوع في الهوية السودانية والعدالة الانتقالية.
كما يمثل هذا الاتفاق بين الحكومة الانتقالية وأطراف الجبهة الثورية ، مكسبا جديدا للثورة السودانية التي أطاحت بنظام البشير ، وتمثلت أهدافها الأساسية في تحقيق الحرية والسلام والعدالة وإنهاء الحرب الأهلية التي أدت إلى أكثر من 10 ملايين بين قتيل وجريح ومشرد.
وبحسب مراقبين دوليين ومحليين يحتاج الاتفاق إلى مبادرات ملموسة في حياة الناس تترجم على أرض الواقع ، في ظل صعوبات اقتصادية أكثر منها أمنية يواجهها الاتفاق بسبب حاجة الخرطوم لتأمين عودة نحو أربعة ملايين نازح ولاجئ إلى مناطقهم ودمجهم في الحياة المدنية.
ومنذ تشكيل الحكومة الانتقالية في غشت 2019، دخلت في مفاوضات ماراطونية مع الحركات المسلحة التي كانت تخوض حربا ضد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير في دارفور وولاتي جنوب كردفان، بوساطة تقودها دولة جنوب السودان.
وعرقل عدم التوصل لاتفاق سلام مع الحركات المسلحة، إكمال هياكل الحكومة الانتقالية، وعلى وجه الخصوص المجلس التشريعي الانتقالي، وتعيين حكام مدنيين للولايات.
وفشلت كل الاتفاقيات التي أبرمت في عهد النظام المعزول في إنهاء الحروب ، وتجددت النزاعات أكثر حدة بعد انفصال الجنوب، في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وظل نظام البشير يراوغ في الوصول إلى سلام حقيقي يخاطب جذور المشكلة في التهميش والظلم.
ومنذ نهاية العقد الخامس من القرن الماضي ، وتحديدا عام 1956، اندلعت الحرب الأهلية جنوب السودان، استمرت لنحو 50 عاما قتل خلالها أكثر من مليوني شخص . وفي 26 فبراير 2003 ، اندلعت حرب دارفور، التي اعتبرت الأكثر بشاعة في تاريخ البلاد وخلفت أكثر من 4 ملايين ضحية بين قتيل ونازح ، وانتهت سنة 2005 بتوقيع “اتفاق نيفاشا” بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بزعامة الراحل جون قرنق.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن مختلف الحروب الأهلية بالسودان حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.
أخابير - و.م.ع
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!