
قبل 5 سنوات
بعيدا عن كورونا.. الاتجاه الواقعي في أعمال التشكيلية المغربية فاطمة الزهراء الحيحي
يتجه مجال التشكيل في أعمال الفنانة فاطمة الزهراء الحيحي نحو الواقعية بكل تفاصيلها بنسيج أدائي قوي، تظهر فيه التعبيرات القيمية، وتُستجلى فيه المكنونات الغائصة في عوالم إبداعية فلسفية متناسقة ومترابطة. لأنه تعبير وفق معالم وطقوس تشكيلية تمتح مقوماتها من استجلاء المفردات التشكيلية الواقعية الجديدة والمعاصرة، وهي تستمد وجودها من تصورات المبدعة ورؤاها الفنية. إنها ترسي دعائم الفن الواقعي المعاصر، وترسي كل المقومات الفنية الإبداعية الجديدة المبنية على أسس منهجية وسبل تفاعلية حضارية كبيرة. فأعمالها تجسد الفن التشكيلي الواقعي المعاصر في أشكال وعوالم جديدة، وفي وضع فني راقي يفضي إلى قراءات وتأويلات متعددة، ترتكز على وحدة الدال وتعدد المدلول، وهي تحمل عُدة من المعاني التي تنتجها الأحاسيس والمشاعر العميقة المعاني، وتتبدى فيها تعبيرات قيمية بمختلف الألوان الزاهية الرائقة التي تلعب دورا محوريا في توجيه أعمالها الإبداعية نحو البعد الجمالي ونحو مسار إبداعي متجدد.

وإذا كانت المبدعة فاطمة الزهراء تستعمل مختلف الصيغ الفنية، والعناصر الأداتية باعتبارها وسائل نسيجية في التشكيل الواقعي، فإنها في نفس الحين تنحت أفقا تعبيريا وتصوريا ورؤيويا، تعطي من خلاله مواد تشكيلية واقعية تعبيرية معاصرة تنطق بالعديد من المعاني المحسوسة. حيث إنها تعكس بشكل قوي ثقافتها التشكيلية الرصينة المبنية على أسس معرفية وقيمية وجمالية، أبهى وألذ وأعمق في الارتقاء والابتكار بتعبير راق معاصر، وألوان تشكيلية متخصصة، تنبني على قاعدة ثابتة، باختيارات وتوجهات صريحة ومباشرة.
إن التجربة التشكيلية للفنانة المغربية فاطمة الزهراء الحيحي ترتكز على نمط تعبيري شخوصي، حيث تستقي مادتها التشكيلية من التراث الحضاري المغربي ومن الواقع المعاصر وفق طرق متنوعة وأسلوب تشكيلي يتميز بمقومات وتفاعليات وجماليات مختلفة، سواء على مستوى البناء الفضائي أو على مستوى التقنيات العالية الموظفة، أو على مستوى الاستعمالات المضامينية والجهاز المفاهيمي بكل مقوماته.

فأعمالها تتبدى وصفا يعبر عن معان ثقافية وفنية، فهي تصنع شخوصات تعبيرية، تصيغها في ألوان مختلفة، وتردفها بأخرى من جنسها لتنسج منها المادة التعبيرية، ثم تشكل منها مفردات جمالية ذات دلالات معينة، فتعمد إلى روابط علائقية تتراءى بين الألوان والمادة الواقعية التعبيرية، فتلجأ من خلال عمليات البناء إلى إنتاج توليف بين مختلف العناصر المكونة لأعمالها، وتفصح بشكل مباشر عن التراكمات الرمزية، والأشكال والدلالات العميقة، والعلامات الأيقونية، التي تنبثق أساسا من الأشكال والألوان المحادية لما تشخصه من الواقع، والتي تؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات العمل التعبيري والواقعي حتى يتفاعل معه القارئ.
محمد البندوري
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!