
قبل 5 سنوات
بعيدا عن كورونا.. أثر التنوع الثقافي في التاريخ المغربي
طالما شكلت خاصيات التنوع الثقافي بالمغرب أحد أهم المميزات التي طبعت الحضارة المغربية على مستوى الشكل والمضمون، فقد شكلت موسوعية الأفراد مما انعكس إيجابا على المناحي الثقافية برمتها، منها المواد الأدبية والنقدية والدينية وغيرها. فقد استفاد الأديب والناقد والفقيه والفنان من هذا التنوع فانغمس في عوالم أثرت بشكل كبير في مسار الثقافة من جهة وفي مسار المثقفين من جهة أخرى. ولعل كيفية رؤيتهم للأشياء والظواهر من خلال تصورات موضوعية متنوعة، قد أدت إلى محاولة الكشف عن التداخل بين مختلف المواد الثقافية والمعرفية والعلمية عبر التاريخ مما كشف عن بعض القواسم المشتركة والتقاطعات التي شكلت في هذا المنحى رؤية ثقافية متنوعة غير عادية، ورؤية موضوعية أساسية، لأنها أخذت بعين الاعتبار كل الأجناس الإبداعية طبقا لتنوع المنحى المعرفي والثقافي والعلمي والفقهي عبر التاريخ المغربي العريق.
وإذا كان التنوع الثقافي بالمغرب قد خلف مداخل موضوعية أسست لمنحى تربوي جديد يدل على انفتاح الذهنية المغربية على مختلف العوالم الثقافية والأجناس الإبداعية منذ التاريخ المغربي القديم والوسيط؛ فإنه كذلك قد أثر بشكل مباشر في العمليات الإبداعية في كل الأجناس الأدبية والعلمية والفقهية والمعرفية وغيرها، فراكم خزانا من المعارف، ومن المؤلفات المتنوعة بتنوع الثقافة. الشيء الذي انعكس فيما بعد على الوضع الثقافي المغربي بالإيجاب. ولا شك أن توظيف المجال الثقافي بالشكل الأمثل في الحياة العامة قد خصب الطريق لتشكيل هذا التنوع سواء أكان هذا التوظيف عفويا أو مدروسا لكنه قد أفضى إلى تلقيح كل المجالات الثقافية أو التي لها علاقة بالثقافة؛ وبهذا التأثير، فقد تميزت المؤلفات المغربية بالتنوع مما ساهم في تطور وإثراء طروحاتها على كل المستويات، حيث وقع التحول في قدرات المبدعين في مختلف المجالات، وحيث تحولت الثقافة المغربية إلى زاد معرفي وعلمي ونقدي وفقهي على غرار ما أنتجه التطور الحضاري بوعي تام باعتباره خيارا يحدد أساسيات الثقافة الرصينة ويتفاعل معها، فأضحى للتنوع الثقافي المغربي أبعادا أخرى ومعاني جديدة عمقت الوعي في كثير من المواد الثقافية وفي ذهنية الإنسان المغربي ليوطد الصلة بين المواد الثقافية وبين المبدعين في المجالات المتنوعة في نطاق سلسلة من الحركات الثقافية التي وجهت عمليات القراءة نحو التنوع والاختلاف، ووجهت القارئ وما يشغله من حيز تفاعلي. فبدا عبر التاريخ المغربي الاهتمام بقيم وأفكار جديدة في نطاق خطاب ثقافي حصيف له دلالاته المتعددة. فصار وسيلة إلى المتعة الثقافية نتيجة هذا التنوع ونتيجة التعدد القرائي. لأن المتخيل القرائي هو تعبير دقيق عن التطوير الثقافي للوعي بواسطة القراءة في نطاق هذا التنوع. مما ينتج قراءات أكثر دلالة في مهمة تمثيل الثقافة بدلالاتها ومغازيها ومعانيها، فأصبحت أكثر فاعلية. إنه امتداد ترسخ بعد عمليات متتالية عبر تاريخ المغرب العريق ليصل حد التنوع الثقافي بالنكهة الثقافية والمتعة المعرفية.
عواطف الغالي
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!