
قبل 5 سنوات
المفكر عباس أرحيلة.. نازلة (كورونا) تختلُّ موازين القوة في العالم
الإعداد الإيماني في الاحتكام إلى الإسلام في حركة الحياة، يقتضي من المسلمين أن يخرجوا من رحاب ما يعتبرونه إسلاماً إلى رحاب الإيمان؛ حين يصبح أعمالا ومواقف تقرِّب عبيد الرحمن من مولاهم الحق فيما تستقيم به حركة الوجود البشري على الأرض.
حين يشرعون بالبحث عن علامات الإيمان في أعمالهم، ومدى صدق النيات في أحوالهم وتصرفاتهم؛ بحيث تُصبح أعمالهم في حركات حياتهم مُصدِّقة لحقيقة الإيمان في نفوسهم.
فلا يكون شأنهم شأن الأعراب، كما جاء في قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُومِنُوا ولَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ولمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14].
سلاح العهد المقبل يحتاج إلى سلاح من إيمان قوي وعميق، يدعمه علم يُراد به معرفة الحق، والسعي إلى إثباته في الوجود البشري.
وتأتي اليوم نازلة (كورونا) فتختلُّ موازين القوة في العالم، ويصبح الناس في كفة واحدة.
عالم ضاعت فيه البوصلة من العولمة، وتبدَّدت كثير من النظريات وما نشأ عنها من أوهام في قضايا الاستراتيجيات والمستقبليات. وبدأ الناس يترقبون من يحكم العالم، ويتساءلون عن طبيعة الاقتصاد بعد (كورونا).
فما المطلوب من أبناء الإسلام؟ عليهم أن يكونوا على أهبة في هذه اللحظة مما سوف تعرفه المرحلة القادمة من تغييرات جوهريّة. لحظة فاصلة لمراجعة ما فعلته الحداثة الغربية من إهدار للقيم الدينيَّة في كثير النفوس. لحظة لوضع حدٍّ (للغُثائيّة) والتبعية لتلك الحداثة في كثير من مجالات الحياة المعاصرة.
لحظة لبناء كينونة إسلامية تعيد بناء الإنسان، وتوجِّه العالم المعاصر إلى القيم التي اختارها الله تعالى لخلقه، ولا يستقيم حال ذلك العالم بغيرها.
أما العدة العلميّة فالمرجو أن تكون للرؤية الإسلاميَّة السلطةُ العليا في توجيه النظريات ومناهج البحث العلميّ؛ لتوجه أنظار العلم والعلماء إلى ما ينفع الناس، وما يمكث في الأرض، ويتردَّد في الكون معنىً من معاني قوله تعالى: ﴿ اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذِي خَلَق﴾؛ أي أن تكون القراءة في ضوء المنهج الذي اختطَّه الله لخلقه، فيكون علم الإنسان في خدمة الإنسان؛ ويكون العالم آنذاك صادقاً مع نفسه، صادقاً مع ربِّه، صادقاً مع مجتمعه.
الدكتور عباس أرحيلة، مفكر وعلامة مهتم بدراسة التراث العربي الإسلامي
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!