قبل 3 سنوات
الدكاترة الموظفون : ملف طال انتظاره
كثیرة ھي الأسئلة التي تلقي بظلالھا بقوة أمام الباحث، وھو یقارب أحد أبرز الملفات المطروحة في مجال التربیة والتعلیم، والتعلیم العالي والبحث العلمي. بھدف إیجاد حل للمشكل المتعلق بالدكاترة الموظفین، وإنصاف ھذه الأطر والكفاءات التي تجمع بین التجربة في التعلیم والبحث العلمي.
فرغم سلسلة من المطالب الملحة، والاحتجاجات التي تواصلت في السنوات السابقة، انتھت بالتزام الحكومة السابقة بمخرجات الحوارات، عملا بمبدأ استمراریة المؤسسات. لم یواجه ذلك، إلا بالصمت المطبق وسیاسة التسویف التي مورست اتجاھه، وظل التخاذل الحكومي یلف ھذا المطلب، ضمن أجندة وزارة التربیة الوطنیة في مشاریعھا الإصلاحیة. الذي یقصي العدید من الكوادر الوطنیة، القادرة على الإسھام في تحقیق جملة من النتائج المسطرة، وكرد فعل حول ھذا الموقف الحكومي ، عبر الدكاترة الموظفون، في أكثر من مناسبة، عن خیبة أملھم ورفضھم لھذا الإقصاء، منظمین احتجاجات ووقفات سلمیة في عدة محطات لإنصافھم والإنصات لقضیتھم التي طال أمدھا، في ظل تعنت وازدراء ھذه الكوادر الوطنیة وھدر طاقاتھا.
وفي أثناء ذلك، حملوا الحكومة في أكثر من مرة ، مسؤولیة إفشالھا لمقترح قانون إحداث النظام الأساسي، الخاص بھیئة دكاترة الوظیفة العمومیة والجماعات الترابیة والمؤسسات العامة، كمقترح قانون سجل في مجلس النواب. ما یحول دون استفادة الجامعات ومراكز البحث العلمي ومعاھد التأطیر، من المؤھلات العلمیة والمعرفیة التي تمتلكھا ھذه النخب العلمیة .
ویرى الكثیر من المتتبعین لقضایا التعلیم العالي والبحث العلمي بالمغرب، أن إعادة الاعتبار لشھادة الدكتوراه وحاملیھا من الموظفین داخل مقرات عملھم، وتحسین وضعیتھم الإداریة والمالیة، وإعطائھم الأولویة في مناصب المسؤولیة، أصبح من الواجب الالتزام به في الوقت الراھن، بما یتماشى مع قیمة شھادة الدكتوراه، و یعد ذلك إحدى الدعائم الرئیسة لتحقیق النموذج التنموي الجدید، الذي تبناه المغرب في الآونة الأخیرة، ومن ثم وجب على وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي والابتكار، الالتزام بمخرجات الحوارات السابقة التي تشاركتھا مع الإطراف النقابیة سابقا، عملا بمبدأ استمراریة المؤسسات، وتنزیلا لھذه المخرجات على أرض الواقع، تنفیذا لقرار الوزارة التي قطعته على نفسھا لحل ھذا الملف، بتغییر إطار الدكاترة الموظفین إلى أساتذة التعلیم العالي مساعدین، في شھر مارس 2020.
لاشك أن غیاب أي مبادرة مسؤولة من طرف الوزارة ، لحل ھذا الملف ورد الاعتبار للدكاترة، سیؤدي إلى المزید من الاحتقان والغضب في صفوف ھذه الفئة، التي صارت مع توالي الأیام تعیش ظروفا نفسیة واجتماعیة صعبة ، لا تلیق بقیمتھا الاعتباریة في المجتمع ومقرات عملھم .
لھذه الأسباب وجب توفیر حل عاجل لھذه الوضعیة الشائكة، والقیام بمبادرة حقیقیة، تتمثل في تغییر إطار الدكاترة دفعة واحدة، نظرا لقلة عددھم. فھو لا یكلف خزینة الدولة أي اعتمادات إضافیة، بل سیسھم في ترشید النفقات وسد الخصاص، الذي تعرفه جمیع المؤسسات الجامعیة والمعاھد العلیا.
وقد سبق لدكاترة وزارة الثقافة أن صدر بشأنھم مرسوم رقم 02-00-372 الصادر في -07-05-200 ، قضى بإدماجھم ضمن ھیئة الأساتذة الباحثین.
وإذا كان الحاجة تدعو إلى اعتماد حل شامل ومنصف لجمیع الدكاترة . فإن البدء في ذلك ، ینطلق من الإسراع في استئناف الحوار الجاد والمسؤول في أقرب الآجال، لطي ھذا الملف بشكل عاجل ، وصولا إلى سنّ قوانین ومراسیم تنظیمیة عادلة لھیئة الدكاترة الموظفین. مما سیتمخض عنه
آلیة جیدة لمقاربة الملف بشكل نھائي وعاجل، حرصا على رد الاعتبار لھذه الفئة التي تمتلك مؤھلات وخبرات میدانیة، ستنعكس حتما على الحیاة العلمیة والأكادیمیة على الصعید الوطني التي تشكو من نقص حاد.
ویستأثر ھذا الملف الشائك باھتمام مجموعة كبیرة من التنظیمات النقابیة، حتى أصبح یشكل إجماعا من المركزیات النقابیة التعلیمیة بقطاع التربیة الوطنیة، التي تساند قضیة دكاترة الوظیفة العمومیة ووزارة التربیة الوطنیة بوجه خاص. فھذه التمثیلیات النقابیة طالبت في أكثر من مرة، معالجة ھذا الملف العویص ضمن بیانات مشتركة. باتخاذ قرار عاجل لحله، منددة بسیاسة اللامبالاة اتجاھه، والابتعاد عن الحلول التوقیعیة ، لسد الخصاص الكبیر في الجامعات والمراكز الجھویة لمھن التربیة والتكوین ومراكز البحث التربوي.
أحمد المریني: كاتب وإعلامي
لا يوجد حاليا أي تعليقات. كن أول من يشارك!